عدد المشاركات : 2629العمر : 34الموقع : في دوامة الحياةالعمل/الترفيه : قائد الموقعالمزاج : صاحب امل كبيرنقاط : 3037تاريخ التسجيل : 24/01/2009
موضوع: ..::<< رجل لا يعرف الباطل >>::.. الإثنين أغسطس 17, 2009 6:14 pm
الفاروق
عمر بن الخطاب
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد مناف بن رباح بن عبد الله بن قـرط بن رزاح بن عـدي بن كعب، يُكنى أبا حفص.أمه حَنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم. وُلد عمر ـ رضي الله عنه ـ قبل حرب الفِجَار الأعظم بأربع سنين.ورَوَى ابن الأثير أنه ولد بعد رسول اللـه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بثلاثَ عشرة سنة، أي عام خمسمائة وأربعة وثمانين للميلاد.ونشأ في طفولته وصباه نشأة أمثاله من أبناء قريش، إلا أنه امتاز عليهم بأنه كان قارئا، وهؤلاء كانوا قلة. ولما شب جعل يرعى الإبل لأبيه، ولما تدرج من الصبا إلى الشباب أتقن ألوانًا من الرياضة، كالمصارعة والفروسية وركوب الخيل، كما تذوَّقَ الشعر ورواه، وكان جيد البيان، حسن اللسان؛ لهذا كله ارتضتْه قريش سفيرًا لها إلى غيرها من القبائل في الحروب والنزاعات. وكعادة العرب في استكثارهم من الزوجات طلبًا للولد تزوج عمرُ في حياته تسع زوجات، وَلَدْنَ له اثني عشر ولدًا، وبعد إسلامه استبقى أربعا، وفارق الباقيات استجابة لأمر الله. وقد ورث عمر عن أبيه الشدة، فكان قبل إسلامه من أشد قريش تعذيبًا للمسلمين وأكثرهم جرأة عليهم، وأقساهم معاملة لهم.وفي السنة الخامسة من النبوة، وهو ابن تسع وعشرين سنة، أسلم عمر ولُقب بالفاروق، الذي فرق الله به بين الحق والباطل، فقد عز المسلمون بإسلامه، وصاروا أكثر جرأة على المعالنة بدينهم.وهاجر عمر إلى المدينة، حيث آخَى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بينه وبين عِتْبان بن مالك بن عمرو الأنصاري، فكان إسلامه نصرًا وهجرتُه فتحًا.قال فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : "جعل اللهُ الحقَّ على لسان عمر وقلبِه". وقال: "عمر بن الخطاب معي حيث أحب وأنا معه حيث يحـب، الحق بعدي مع عمر بن الخطاب حيث كان". ووصفه النبي فقال: "إنه رجل لا يحب الباطل"، وقال : ".. أشد أمتي في دين الله عمر..".
أعماله: كان عمر مسدَّدًا في رأيه، وكثيرًا ما وافق رأيه ما نزلَ من القرآن، كموقفِه من أسرى بدر، وموقفِه من صلاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المنافق عبد الله بن أُبَيّ بن سلول، وموقفِه من الخمر، ومشورتِه على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يأمر نساءه بالحجاب، ومشورتِه عليه أن يتخذ من مقام إبراهيم مُصلى. لهذا كان عمر هو الوزير الثاني لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شارك معه في خدمة الدين برأيه، وجاهد بسيفه، فشهد المشاهد كلها، وكان بعد ذلك مع أبي بكر وزيره الأول، وقد اقترح على الخليفة جمع القرآن في كتاب واحد، فكان من أعظم الأعمال وأجلها. ثم آلت الخلافة إلى عمر، فقضى فيها عشر سنوات وأشهرا، فملأ دنيا الناس عدلا وزهدا، وضرب أعظم الأمثلة في قيام الأمير على مسئولياته، وعظمت الفتوح في أيامه، فكان منها ـ مثلا ـ فتح دمشق وحلب والقادسية والمدائن ونهاوند والأهواز ورامهرمز وتُسْتَر والسُّوس وجُنْدَيْسَابور وخراسان وإصْطَخْر وأذربيجان وبيت المقدس ومصر، كما بُنيت في خلافته مدن البصرة والكوفة والفسطاط.
مواقفه: له جملة ضخمة من المواقف المتفردة حفلت بها كتب السيَر، منها أن الناس هابوا أن يتولى عمر عليهم الخلافة وهو الرجل الشديد، فصَعِدَ المنبر بعد أن تولاها وقال: "بلغني أن الناس هابوا شدتي، وخافوا غلظتي، وقالوا: قد كان عمر يشتدّ علينا ورسولُ الله بين أظهُرِنَا، ثم اشتد علينا وأبو بكر والينا دونَه، فكيف وقد صارت الأمور إليه، ومن قال ذلك، فقد صدق، إنني كنت مع رسول الله، فكنت عبدَه وخادمَه. وكان مَنْ لا يبلغ أحدٌ صفتَه من اللين والرحمة، وكان بالمؤمنين رءوفًا رحيمًا، فكنت بين يديه سيفا مسلولاً حتى يغمدني فأمضي، فلم أزل مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى توفاه الله وهو عني راض.. ثم ولي أمرَ المسلمين أبو بكر، فكان من لا تنكرون دعته وكرمه ولينه، فكنت خادمه وعونه، أخلط شدتي بلينه، فأكون سيفا مسلولا حتى يغمدني أو يدعني فأمضي، فلم أزل معه كذلك حتى قبضه الله ـ عز وجل ـ وهو عني راض، ثم وُلِّيت أموركم أيها الناس، فاعلموا أن تلك الشدة قد أضعفت، ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين، فأما أهل السلامة والدين والقصد فأنا ألين لهم من بعضهم لبعض، ولست أدع أحدا يظلم أحدا أو يتعدى عليه حتى أضع خده على الأرض، وأضع قدمي على الخد الآخر حتى يذعن بالحق. وإني بعد شدتي تلك أضع خدي على الأرض لأهل العفاف وأهل الكفاف".
وفاته: كان عمر يحج كل عام ويدعو وُلاته وعُمالَه فيوافونه أيام الحج بمكة كي يحاسبَهم على أعمالهم، ويشاركهم في تدبير شئون ولايتهم، وقد حج كعادته في السنة الثالثة والعشرين للهجرة، وحج معه أزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما قضى مناسكه وأفاض من منى، أناخ بالأبطح فكوَّم كومةً من بطحاء ألقى عليها بطَرَف ثوبه، ثم استلقى عليها ورفع يديه إلى السماء، وقال: "اللهم كَبِرَتْ سِنِّي، ورقَّ عَظمي، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضْنِي إليك غير عاجز ولا مَلُوم".وخرج ـ رضي الله عنه ـ من منزله قبل مطلع الشمس من يوم الأربعاء لأربعٍ بَقِيَن من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين للهجرة، يَؤُمّ الناس لصلاة الفجر، واصطفّ المسلمون بين يدي الله العظيم، وفجأةً ظهر رجلٌ قُبالة عمر، فطعنَه بخنجره ثلاث طعنات أو ستًا، وأحس عمر حَرَّ السلاح فالتفت إلى المصلين باسطًا يديه يقول: أدْرِكُوا الكلبَ فلقد قتلني. وكان هذا الكلب هو "أبو لؤلؤة فيروز" غلام المغيرة بن شعبة، وكان غير مسلم، فلما علم عمر بذلك قال: "الحمد لله الذي لم يجعل قاتِلِي يُحَاجُّنِي عند الله بسجدةٍ سَجَدَهَا لله قَطّ، وما كانت العرب لتقتلني". ولم يمكث سوى يومين ثم فاضت روحُه وهو يقول: "ويلي إن لم يغفر اللهُ لي".ثم غُسِّل وكُفن ودُفن إلى جوار صاحبَيْه؛ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبي بكر.